فتح القسطنطينية
كانت القسطنطينية، عاصمة الامبراطورية البيزنطية، تحتل موقعاً استراتيجياً منيعاً، بين أوروبا وآسيا، على سلسلة المضائق التي تصل بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، تحدّها من الشرق مياه البوسفور، ومن الغرب مياه بحر مرمرة، ويحيطها سورٌ واحد من تلك الجهات. أما الجانب الغربي، وهو الذي يتصل بالقارة الأوروبية، فيحميه سوران طولهما حوالي ستة كيلو مترات. 
ونظراً لهذه الميزات فقد راود حلم فتح تلك المدينة عدداً من الحكّام المسلمين الذين قاموا بعدة حملات لتحقيق تلك المهمة، ابتداءً من عهد حكّام بني أمية.
ثم تجدد الحلم في مطلع عهد العثمانيين، وملك على سلاطينهم ذلك الأمر، فحاصرها كل من بايزيد الأول ومراد الثاني، ولم يتحقق ذلك إلا على يد محمد الثاني الذي لُقّب بمحمّد الفاتح.
ولد محمد الثاني عام 835هـ/1432م، ونشأ في كنف أبيه السلطان مراد الثاني سابع سلاطين الدولة العثمانية.وبعد وفاة أبيه عام 855هـ/1451م، تولى السلطنة وهو شاب في أوائل العقد الثالث من عمره.
منذ تولّيه السلطة باشر محمد الثاني استعداداته لفتح القسطنطينية فجهز الفرق العسكرية، وزوّدها بالأسلحة، وبنى المدافع الثقيلة، وعندما انتهى من تجهيز جيشه سار إلى تلك المدينة.
[mark=#FFFF00]وصل السلطان العثماني إلى الجهة الغربية للقسطنطينية يوم الجمعة 12 رمضان [/mark]855هـ/5 نيسان ـ أبريل 1453م، وبدأ حصارها الفعلي في اليوم التالي.
استمرّ الحصار بطيئاً ومرهقاً للجيشين.. حتى فجر يوم الثلاثاء 20 جمادى الثانية 855هـ/29 أيار ـ مايو 1453م، حين شنّ الجيش العثماني هجوماً كبيراً استمرّ عدة ساعات ليسيطر على المدينة في اليوم التالي.
قرّر محمد الثاني اتخاذ القسطنطينية عاصمة للدولة العثمانية، وأطلق عليها اسم "إسلام بول" أي "دار الإسلام"، ثم حُرّف هذه الاسم واشتهرت المدينة باسم "استانبول".
يرى المؤرخون أن فتح القسطنطينية كان بداية لانحسار المد العثماني، ويرى آخرون أن ذلك الحدث كان بداية للنهضة العلمية الأوروبية حين فرّ العلماء والمفكرون والفلاسفة والصناعيون من القسطنطينية حاملين علومهم إلى أوروبا التي استقبلتهم وأسست نهضتها على مخزونهم الفكري.
|