هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في في آي بي للبيع والشراء : بيع , شراء , سيارات , ارقام مميزه , لوحات مميزه , رقم مميز , جوال . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

قديم 05-02-08, 09:42 AM   #1
وحيد المشاعر

( متسوق رسمي )

 

العلامة محمد إقبال

يعتبر العلامة و الفيلسوف محمد إقبال - رحمة الله عليه - رائدا مـن رواد الأدب ، و مـن أبـرز الشخصيات الاسلامية الموسوعية التي أسهمت في اثراء الفكر الإسلامي، و تقديم فكـر تجديدي لتصحيح حال المسلمين في زمن يرضخ فيه العالم الإسلامي تحت الاستعـمـار.
لقـد اهتم الكثير من الدارسين بفكر إقبال ، و فلسفته الداعية الى الوحدة الاسـلامـية ، و لـم شمل المسلمين ، و نظريته الداعية الى وطـن قـومـي للمسلمين( الأمة الاسلامية) في شبه القارة الهندية ، و التي أوضحها في خطابه ممثلا لرابطة مسلمي عموم الهند عام 1930م ، و أدت الى قيام دولة باكستان الاسلامية على يـد السيد/ محمد علي جناح في عام 1947م . و التي نجد صداها في مؤلفاته في الفكر و الفلسفة الاسلامية بالاضافة الى مؤلفاته الأدبية باللغتين الأردية و الفارسية ، حيث أنـشـد قصائده الشعرية في المحافل الدولية الأدبية و الدينية بغرض ايـقـاظ الـشعـور في قـلـوب المسلمين في كل مكان. و هو المولود في بيت عـلـم في التاسع من نوفمبر لعام 1877م في مدينة سيالكوت في شبة القارة الهندية تحت ظل الاستعمار الانجليزي ، و مـن أسرة براهمية الأصل الا أن الله شرفها بالاسلام منذ ثلاثة قرون قبل مولد اقبال ، و هاجرت الى البنجاب هربا بدينها من الاضطهاد الهندوسي ، و كان نابغـا في دراسته، وقال الشعر في سن مبكرة، وكان ينطق بالحكمة الإسلامية ، و يفتخر أن صوته من عدنان كناية عن انتسابه الى الأمة الاسلامية و لغة القرآن ، حيث يقول :
أرشد براهمة الهنود ليرفعـوا *** الإسلام فوق هياكل الأوثان
ان كان لي نغم الهنود ولحنهم *** لكن هذا الصوت من عدنان

إذا كان شعر إقبال فارسي اللغة، فإن المضمون نابع من الروح الاسلامية ، حـيث القرآن الكريم، و سيرة الرسول عـليه أفضل الصلاة و السلام ، و أمجاد الأمة الإسلامية و تاريخها المجيد ، و هي قواسم مشتركة بين الأدبين العربي و الفارسي نتيجة دخول الاسلام الى بـلاد فـارس و السنـد. و يتم دراسة أدب إقبال في عالمنا العربي مـن واقع الكتب المترجمة إلى اللغة العربية ، و ذلك بمعرفة المختصين في الأدبين العربي و الفارسي .
و أثمرت الترجمة عـن دراسات مـعـمقة في الأدب المقارن، و من أشهر الرواد في هـذا المجال العالم الدكتور عبدالوهاب عـزام – رحمة الله عليه - الذي ترجم مـن الفارسية الى العربية و نخص منها الترجمات الخاصة بمؤلفات إقبال - على سبيل المثال لا الحصر- مثل( تأملات – دعـاء – الله الصمد – الربيع – الوحدة – مختارات من ديوان ضرب الكليم - ديوان أسرار خودى). كما ترجم الشيخ الصاوى علي شعلان – رحمة الله عليه - قصائد اقبال الى العربية، و أشهرها قصيدة حديث الروح، وكان شغوفا الى درجة قوله( اسـقيني من جام أشعار إقبال) تعبيرا لحبه و تقديره لهذه الشخصية الاسلامية. و مـن الدراسات الحديثة في هـذا المجال كتاب الدكتور/ خالد عباس أسدي – باكستاني- المعنون(محمد إقبال – قصائد و دراسات). و القصائد الواردة في هـذا المقال منقولة مـنه ، حيث أرى أنـه مـن أفضل المراجع المعاصرة بسبب إتقان المؤلف للغة العربية بحكم دراسته الطـب في القاهرة . بالإضافة إلى معرفته للواقع الثقافي في شبه القارة الهندية و لغاتها و ظلالها على أدب العلامة محمد إقـبال.

ان العناصر الأساسية للإطار المعرفي في قصائد إقبال، بدءًً من البعد الديني الاسلامي، و التاريخي عربيا و اسلاميا ، و البعد الجغرافي واضح المعالم في نظريته الداعية الى وطن قومي للمسلمين (الأمة الاسلامية)، كذلك قدرته على توظيف ثقافات الشعوب، و التي هضمها أثناء مراحل دراسته الا أن الاسلام دائما ينتصر في النهاية حسب رؤيته الفلسفية و التي يؤمن بها، قصيدة حديث الروح(اذا الايمان ضاع فلا أمان / و لا دنيا لمن لم يـحى دينا ، و من رضى الحياة بغير ديـن/ فقد جعل الفناء لها قرينا ، و في التوحيد للهمم اتحاد/ و لم تبنوا العلا متفرقينا ، ألم يبعث لأمتكم نبي/ يوحَـدكم على نهج الوئام ، و مصحفكم و قبلتكم جميعا / منار للأخوة و السلام ، و فوق الكل رحمن رحيم/ إلـه واحد رب الأنام).

ان الرؤية نابعة من عـقيدته و ايمانه بالله الواحد الأحد الذي يبعث في النفس الراحة و الأمان بالتسليم و التفويض لله . و هـذه الصورة الفنـية عـن المسلم يـقـابـلهـا صـورة أخـرى للكافـر التـائـه نتيجـة التخبط في الحياة و عدم الإيمـان بالله ، و مقارنـته مع المسلم(إنما الكافر حيران/ له الآفاق تيه ، و أرى المؤمن كـونـا / تـاهـت الآفـاق فـيه). و ينقـلـنـا هـذا الأمـر إلى قراءة التجربة الشعورية بما فيها مـن الوجدان و الخواطر المفعمة بالقيم الإسلامية التي تربى عليها في نشأته الأولى في بـيت إسـلامـي تـتـوافـر فـيه الـروافـد التالية :
** القرآن الكريم .
** السنة النبوبة المطهرة.
** التاريخ الإسلامي المجيد.
** المعرفة و التجارب الإنسانية.

الرافد الأول: القرآن الكريم :
يمكن القول أن القرآن الكريم من أهم المصادر الأساسية في رؤاه و فكره حيث الصوت العدناني الذي يفخر بــه مـا هـو إلا اشــارة إلى القرآن الكريم الذي أقـبل عليه يستهلمه منذو نـشـأتـه الأولـى، وكان ان سأل اباه ، وكان عالما تقيا ورعا ، كيف تكون قراءة القرآن بالحفظ ام الفهم؟ بالجهر ام بالخفوت؟ هنالك نصحه الأب بعـبارة بسيطة قال فيها مخاطبا ابـنـه ( اقرأ القرآن كأنه قد انزل عليك)، و في رواية أخرى أن الفضل يعود الى والده حيث يقول( اعتاد أبي أن يسألني كل صباح حين يراني منكبـا أقرأ القرآن، ماذا تصنع؟ فأجيبه:أقرأ القرآن، وظل على ذلك ثلاث سنين يسأل نفس السؤال وأجيب نفس الجواب حتى كان يوماً فقلت له: ولكن لماذا تسألني عن شيء أنت أعلم بجوابه؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك اقرأ القرآن وتعمق به واستغرق في معانيه وليست قراءة معتادة فقط ، ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأُقبل على معانيه)، و هذا المصدر الأول في ثـقـافته نـجـد أثـره في عبارة أوجزها في كلمات إهدائة المصحف الى ملك أفغانستان / نادر شاه ، حيث كتب ( ان هذا الكتاب رأس مال أهل الحق، في ضميره الحياة و في سطوره الحق و العزة و العدل.(

الرافد الثاني : السنة النبوية المطهرة :
يعتبر الحديث الشريف و السيرة النبوية المباركة ، المصدر الثاني ، حيث نجـد الكثير من العلامات و الاشارات الدالة على ذلك( نحن أزهار كثير العدد / واحدة الطيب و الرائحة/ لماذا لا أحبه و لا أحسن اليه و أنا انسان ..؟/ و قد بكى لفراقه الجذع ../ و حنت اليه سارية المسجد ../ إن تربة " المدينة " أحب إلـًى من العالم كله ../ و أنعم بمدينة فيها الحبيب). و يحدثنا عـن هذا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة و السلام في كتابه ( إسرار خو دى( حيث يقول( ان هذا السيد الذي داست امته تاج كسرى و قيصر كان يرقد على الحصير/ ان هذا السيد الذي نام عبيده على أسرة الملوك كان يبيت ليالي لا يكتحل بنوم)، و في مقطع أخر( اذا كان في الصلاة فعيناه تهملان دمعا / واذا كان في الحرب فسيفه يقطر دما ../ لقد فتح باب الدنيا بمفتاح الدين ../ بـأبي هو و أمى ../ لم تـلـد مثله أم ، و لم تـنجب مثـله الانسانية ..). و كل أفعال النبي عليه أفضل الصلاة و السلام ، نماذج يقتدى بها و يسير على نهجها تاريخياً و إجتماعياً ، حيث يتضمن اطاره المعرفي قصة بنت حاتم الطائي لتكون نموذجاً للسماحة الإسلامية ، بالإضافة إلى صورة الحاتمية مطرقة رأسها لتكون تعبيراً عـن حال المسلمين في عصره شرقاً و غرباً ( جاءته بنت حاتم أسيرة مقيدة سافرة الوجه خجلة مطرقة رأسها .../ فاستحيا النبي منها و ألقى عليها رداءه / و نحن "اليوم" أعرى من السيدة الطائية / نحن عراة أمام أمم العالم ../ نحن المسلمين من الحجاز و الصين و ايران و أقطار مـخـتـلـفة غيض من فيض واحد).

الرافد الثالث: التاريخ الإسلامي المجيد :
لقد نهل اقبال روح الإسلام منذ نعومة أظفاره ، و باشراف والده معلمه الأول، الذي أدبـه بروح الاسلام ( تذكر يا بني جلال المحشر يوم تجتمع أمة خير البشر ، كن يا بني برعما مزهرا في غصن الملة المحمدية ، و كن زهرة تحيا بنسيم قليل من ربيع المصطفى)، الـزهـرة التي تنبت في بيئة إسلامية ، تكون رمـزاً لتاريخ مجيد ضارب في الأعماق ، و البـدايـة التي شكلت ثقافته و رقة الشعور و بناء الفكرة الصادقة و تـقـلد مفاتيح العلم ، و لا غـرابة في ذلك فهو ابن الاسلام و التاريخ المجيد ، حيث يقول :
قد كان هذا الكون قبل وجودنا ** روضـاً وأزهـاراً بغــير شـميم
لما أطـل محـمـداً زكـت الـربـى ** وأخضر في البستان كل هشيم
هــل أعـلن الـتوحيـد داع قـبـلنا ** وهـدى الشعوب إليك والأنـظار
رحماك رب هـل بـغـير جـباهـنا ** عـرف السجـود ببيتك المعـمور
كانت شفاف قلوبنا لك مصحفاً ** يـحـوي جـلال كتابك المسطور

ان نظرية الأمتين في شبه القارة الهندية ، نابعة من قناعة إقبال بعقيدته الاسلامية ، و تاريخ الإسلام المجيد ، حـيـث أن العقيدة و اللغة و التاريخ المشترك عوامل أساسية لبناء الأمة ، لذلك نجد التاريخ الإسلامي من المصادر النابضة في شعر إقبال بصور فنية و معبرة عـن ذاكرة الأمة الاسلامية سواء في عـزهـا و قوتها أو تصوير حال دول الاسلام لما آلـت اليه الشعوب الاسلامية في الأنـدلس التي يقول عنها (يا ظلَّ حدائق أندلسٍ/ أنسيتَ مواني عشرتنا/ وعلى أغصانك أوكارٌ/ عَمُرت بطلائع نشأتنا). و هي أشبه ما تكون بالبكائيت على الأطلال مثلما نرى ذلك في قصيدة صقلية( و غرناطة جنة العالمين/عروس المدائن تاج القرى/ و يوم أطاح ببغداد خطب/ أحل على الآمنين الردى/ جرى دمع سعدى بشيراز شعرا / أهاج القلوب و أدمى الحشى). و لابد لهذه الوقفة على مدائن الاسلام أن يلحقها تذكير بدولة الاسلام حيث يقول( و للعرب كانت هنا دولة/ و مثوى حضارة أم قرى/ عمالقة البيد خاضوا البحار/ فكانت لأسطولهم ملعبا)، الا أن الحقيقة تفرض عليه أن يعود الى واقعه ليختم بها قصيدة صقلية( أعـود الى الهند مستعبرا/ بأنبل ذكرى لمجد خلا/ هنا قد بكيت و في الهند أبكى/ و أبكى الصديق معا و العدا / هو القدر اختارني للرثاء / سأرسله صيحة في المـلا).

الرافد الرابع: المعرفة و التجارب الإنسانية:

تعتبر البيئة الإجتماعية في شيه القارة الهندية نموذجاً مصغراً من العالم الإنساني بكافة مناشطة البشرية و الجغرافية ، و الثقافية بما في ذلك العقائد و الأديان المختلفة. و في الوقـت الذي ترزح فيه تحت الإستعمار الإنجليزي ، الذي عمل طوال فـترة و جوده على تقسيم الأرض و إضـاعـة هـوية الإنسان فيها ، و خصوصاً إذا عـلمنا أن الهدف الأساسي من المخططات إنهاء الوجود الحضاري للمسلمين و إبـعـادهـم عـن ديـنـهـم الإسـلام.

و هـذه البيئـة بـتنوعها ، سـاهمت كثيراً في تكوين ذهـنية العلامة محمد إقبال إجتماعيا و جـعـلته أكـثر وعـيـاً بها ، و أكثر تمسكاً بـدينه لأنـه إبـن الثقـافة الإسلامية بالوراثة ، و رجل علم و فلسفة و أستاذ أجيال لأنه صقل موهبته، و نهل من معين الفكر و المعرفة بالدراسة و التجربة ، حيث درس في لاهور، و حصل على درجة الماجستير في الآداب و علم الفلسفة من الكلية الاسلامية ، ثم سافر الى بريطانيا للحصول على الدرجة العلمية في الفلسفة مـن جامعة كامبردج و الدرجة العلمية في القانون من كلية لندن للعلوم السياسية ، و عمل أستاذا للغة العربية في جامعة لندن. و لم يتوقـف حتى حصل على درجة الدكتوراة من جامعة ميونيخ في ألمانيا. و كانت فترة دراسته في أوروبا سانحة ليكون داعية اسلامي و مدافعا عن المسلمين حيث ألقى العديد من المحاضرات في انجلترا عن الإسلام وعظمته.

شارك في المؤتمر الإسلامي عام 1931م ، و تشرف بزيارة القدس الشريف ملبيا دعوة السيد/ أمين الحسيني ، ممثلا لمسلمي الهند ، لأن فلسطين الجذوة التي تنطلق في أعماقه فيرى حال الاســلام و المسلمين لينشد أروع قصائده مطالبا الأمـة بالعودة الى دينها و تاريخها المجيد – قصيدة طلوع الاسلام( ترنم أيها الشادي و اسمع/ غناءك وامح آثار الطغام/ و أيقظ عالم الإسلام و اخلق/ عقاب الجو في جسم الحمام/ و قل هيا فتى الاسلام بادر/ و سر قدما الى نيل المحال / و كن لكتاب ربك ترجمانا / و برهانا لقدرة ذى الجلال )، و هـذا الطلب لا يأتي من فراغ بـل نجـد سـؤالا استنكاريا( وكيف تغيرت بكم الليالي؟/ و كيف تفرقت بكم الأماني؟ / تركتم ديـن أحمـد ثم عدتم / ضحايا للهوى و الهـوانِ)، سـؤال استنكاري لابـد أن يتبعه بسؤال أخر أكثر قـوة ، و اثـارة لاشعـال جــذوة الاسـلام في نفوس أبناء الأمــة موضحا السـبب ، و هو القائل (أرى التفكير أدركه الخمول/ و لم تبق العزائم في اشتعال / و أصبح وعظكم من غير سحر/ و نور يطل من المقال/ و عند الناس فلسفة و فكر/ و لكن أين تلقين الغزالى / و جلجلة الأذان بكل أرض / و لكن أين صوت من بلال ؟؟)، و حديث الرسول علي أفضل الصلاة و السلام ( أرحنا يا بلال ) ، و لكن الأصوات التي يسمعها لا يوجد فيها صوت بلال المفعم بالايمان و القوة التي تهز أركان الأرض ، و الآذان الذي يريده رمز مـن رموز انتصاراته و فتوحاته الاسلامية و فيه يقظة الأمة( نحن الذين استيقظت بأذانــهم/ دنـيا الخـلـيقـة من تـهـاويـل الكـرى، نحن الذين إذا دعوا لصلاتهـم/ و الحرب تسقى الأرض جاما أحمرا).

و الآذان رسالة تشرق في الكون، و كناية عن الدين الإسلامي الذي يقول عنه اقبال( ان المؤمن اذا نادى الآفاق بأذانه أشرق العالم و استيقظ الكون/ ان الدين هو الذي ينظم الحياة / وانه لا يكتسب الا من ابراهيم و محمد عليهما الصلاة و السلام)، و يعبر عن ذلك عن أمجاد دولة الاسلام( بلغت نهاية كل أرض خيلنا/ و كأن أبحرها رمال البيد/ في محفل الأكوان كان هلالنا / بالنحر أوضح من هلال العيد / في كل موقعة رفعنا راية/ للمجد تعلن آيـة التوحيد / أمم البرايا لم تكن من قبلنا/ إلا عـبيدا في إسار عـبيد / بلغت بنا الأجيال حرياتها/ من بعد أصفاد و ذل قيود).
و من هذه الأبيات نتذكر ماضينا و تراثنا حيث اقتباس البيت الأول من قصيدة عمرو بن كلثوم(ملئنا البر حتى ضاق عنا / و ظهر البر نملئه سفينا)، أما البيت الأخير فهو من مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه( كنا قوم أذلاء فأعزنا الله بالاسلام، و هي الحقيقة التي يقرها اقبال حيث يخاطب أبناء الأمة موضحا أسباب الانحطاط في صورة فنية معبرة عن حالهم( لقد فقد المسلم لوعة القلب/ وانطفأت نار الحياة فيه/ و أصبح ركاما من تراب/ فالصفوف زائغة/ و القلوب مضطربة/ و السجدة لا لذة فيها لأن قلب صاحبها خال من الحنان). و معرفة الأسباب تؤدي الى معالجتها للنهوض بالأمة، لـذلك لم يرضخ لأي من خصومه سواء فـلـسـفـيا أو أدبـيا ، حيث عاش صراعا مع المتصوفة ، و قدم فكرا لمواجهة الاستعمار الانجليزي رافضا الاستعمار و التعايش مع الهندوس ، حيـث يرى وحدته و أمته في الاسـلام. و ألمح الى فكرة قيام الدولة الاسلامية( أضحى الإسلام لنا دينا / و جميع الكون لنـا وطـنـا(.
ظل طوال سنوات حياته يهتم بالمجموع ، و اهتمامه بكل ما يعيد للأمة الاسلامية مجدها و حضارتها ، لذلك أستنكر على كمال أتاتورك اسقاطه الخلافة حيث رد عليه بقصيدته المشهورة( خطاب الى مصطفى كمال باشا) في ديوانه رسالة الشرق( بيام مشرقي) باللغة الفارسية ، حيث عبر عن حزنه على تغريب المجتمع التركي و تقليد أتاتورك للأفكار الغربية بما سماه الاصلاحات ، ليس ذلك فحسب بـل أنـتقـد عـصبة الأمـم المتحـدة في ذلك الوقـت ، و خصوصا أن العالم الذي يرزح في الاستعمار ما هو الا مساحة الأرض للأمة الاسلامية أنذاك إلا أن نجـد الصورة لا تزال حتى الآن ، فكأنما العلامة محمد إقبال ، يعيش بين ظهورنـا:
صور الغاصب عدلا ظلمه *** ما هو التفسير للعدل الجديد
زاد فـي التـحـريـر مـعـنى *** أنه يحكم القيد لتحرير العبيد
قال للطير إذا رمـت الأمان *** فاتخذ في منزل الصياد وكرا
ليس في الأجواء للطير مكان *** و لا تأمن في الصحراء نسرا

و خلاصـة القول: أن أدب العلامة محمد إقبال – رحمة الله عليه - ، مـن الرؤى التي تشكلت على أطرها أسس الأدب الأسلامي، حيث أشرقت البدايات الأولى في شبه القـارة الهندية ، و وجدت أذانا صاغية في العالم الإسلامي للإستفادة من المضامين الإسلامية ، و صياغة الأدب الإسلامي وفق الأسس التي أتبعها العلامة محمد إقبال في صياغة خطابه الأدبي:
** المضمون القرأني فـنـيـاً مـن حيـث الأسلوب و جماليات اللغة.
** المضمون النبـوي و السنة المطهرة مـن حيـث الأفـكـار و أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام ، و سيرته العطرة.
** المضمون الإنساني مـن حيث العلوم و التجارب الإنسانية بما في ذلك المناهج الأدبية و الرحـلات .

رحل العلامة محمد إقبال – رحمة الله عليه – من دنيانا الفانية مساء الخميس 21/2/1357هـ الموافق 21/4/1938م. و تتجدد ذكـراه كلمـا أشرقـت شمـس أبريل مـن كل عام ، أو التاسع مـن نوفـمـبر ذكرى ميلاده ، و للناس فيما يعشقون مذاهـب. هـكـذا تتجدد ذكـراه ، و أشـعـاره تنبض بين الحين و الآخر في وجـدان الأمـة ، و هـو القائل:
نفحات مضيئة لي هل تعود *** أنسيم من الحجاز يعود

ان النسيم الحجازي أول بشائر الأدب الإسلامي ، حـيث تسمو النفـس مع بارئهـا ، و بالتالي صياغة الخطاب الأدبي ليكون هـمزة وصل و تـعـارف بين الشعوب . قال تعالى( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). سورة الحجرات – أية(13). و التواصل بين الشعوب ثقافة إسلامية عمادها القييم و المبادئ الأصيلة و التي تشكل الصورة العامة في الأدب الإسلامي مـن حيـث الرؤية بغض النظر عـن الأداة التي تختلف وفـق التنوع المكاني و أثـره على الإنسان في شتى مناشط الحياة و إنعكاس ذلك على اللغة و القييم الفنية المصاحبة لها مع الأخذ بعين الإعتبار أن التميز في نهاية الأمـر( إن اكرمكم عند الله أتقاكم).
حـقـاً ، يرحل المرء ، و تظل كلماته فـواحـة متى أحسن الإختيار ، و استدل على نسيم الحـجـاز أول دلائل الأدب الإسلامي .





  رد مع اقتباس
قديم 06-02-08, 01:46 AM   #2
الزعيم سام6

مراقب منتديات في آي بي العامة
افتراضي

 

مشكور على المعلومه





  رد مع اقتباس
قديم 06-02-08, 07:17 AM   #3
عزوز

كبار الشخصيات
افتراضي

 

الله يعطيك العافيه ..





  رد مع اقتباس
قديم 19-02-08, 02:39 AM   #4
للتميز عنوان

( تاجر )
افتراضي

 

الله يعطيك الف عافية





  رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محمد عبده يعالج بالموسيقى al garib المنتدى العام 5 22-10-09 12:17 PM
في مثل هذا اليوم وفاة والي مصر محمد علي باشا al garib المنتدى العام 1 16-04-09 09:57 AM
ماذا يُوقظك؟ نسمة لطيفة .. أم هزة عنيفة؟ al garib المنتدى العام 3 16-04-09 09:48 AM
أحلى 500 نك بلوتوث الزعيم سام6 المنتدى العام 8 14-04-09 06:20 PM
][§¤°~^™لـلـبـنـات وبــس™^~°¤§][ الزعيم سام6 المنتدى العام 4 19-02-08 03:04 AM




جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:47 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
موقع في آي بي للبيع والشراء

للبيع والشراء