القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأحقاف
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) (الأحقاف) 

ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آمِرًا رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّبْرِ عَلَى تَكْذِيب مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمه " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْم مِنْ الرُّسُل " أَيْ عَلَى تَكْذِيب قَوْمهمْ لَهُمْ وَقَدْ اِخْتَلَفُوا فِي تَعْدَاد أُولِي الْعَزْم عَلَى أَقْوَال وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى وَخَاتِم الْأَنْبِيَاء كُلّهمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَصَّ اللَّه تَعَالَى عَلَى أَسْمَائِهِمْ مِنْ بَيْن الْأَنْبِيَاء فِي آيَتَيْنِ مِنْ سُورَتَيْ الْأَحْزَاب وَالشُّورَى وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِأُولِي الْعَزْم جَمِيع الرُّسُل فَتَكُون " مِنْ " فِي قَوْله مِنْ الرُّسُل لِبَيَانِ الْجِنْس وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَجَّاج الْحَضْرَمِيّ حَدَّثَنَا السَّرِيّ بْن حَيَّان حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن عَبَّاد حَدَّثَنَا مُجَالِد بْن سَعِيد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق قَالَ : قَالَتْ لِي عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ظَلَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا ثُمَّ طَوَاهُ ثُمَّ ظَلَّ صَائِمًا ثُمَّ طَوَاهُ ثُمَّ ظَلَّ صَائِمًا ثُمَّ قَالَ " يَا عَائِشَة إِنَّ الدُّنْيَا لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّد يَا عَائِشَة إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَرْضَ مِنْ أُولِي الْعَزْم مِنْ الرُّسُل إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَكْرُوههَا وَالصَّبْر عَنْ مَحْبُوبهَا ثُمَّ لَمْ يَرْضَ مِنِّي إِلَّا أَنْ يُكَلِّفنِي مَا كَلَّفَهُمْ " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْم مِنْ الرُّسُل " وَإِنِّي وَاَللَّه لَأَصْبِرَنَّ كَمَا صَبَرُوا جَهْدِي وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ" " وَلَا تَسْتَعْجِل لَهُمْ " أَيْ لَا تَسْتَعْجِل لَهُمْ حُلُول الْعُقُوبَة بِهِمْ كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " فَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَة وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا " " كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة مِنْ نَهَار" كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا " كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا " وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَيَوْم نَحْشُرهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة مِنْ النَّهَار يَتَعَارَفُونَ بَيْنهمْ " الْآيَة وَقَوْله جَلَّ وَعَلَا " بَلَاغ " قَالَ اِبْن جَرِير يَحْتَمِل مَعْنَيَيْنِ " أَحَدهمَا " أَنْ يَكُون تَقْدِيره وَذَلِكَ لِبَثِّ بَلَاغٍ " وَآخَر " أَنْ يَكُون تَقْدِيره هَذَا الْقُرْآن بَلَاغ. وَقَوْله تَعَالَى " فَهَلْ يُهْلَك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ" أَيْ لَا يَهْلِك عَلَى اللَّه إِلَّا هَالِك . وَهَذَا مِنْ عَدْله عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا يُعَذِّب إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقّ الْعَذَاب وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة الْأَحْقَاف وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة وَبِهِ التَّوْفِيق وَالْعِصْمَة .
كتب عشوائيه
- غراس السنابلغراس السنابل: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله من أهم المهمات وأوجب الواجبات، بها يستقيم أمر الفرد ويصلح حال المجتمع ولقد كان للمرأة المسلمة دور مبكر في الدعوة إلى الله ونشر هذا الدين فهي أم الرجال وصانعة الأبطال ومربية الأجيال، لها من كنانة الخير سهام وفي سبيل الدعوة موطن ومقام، بجهدها يشرق أمل الأمة ويلوح فجره القريب. وقد جمعت لها مائة وثلاث وثمانين سنبلة تقطف الأخت المسلمة زهرتها وتأخذ من رحيقها.. فهي سنابل مخضرة وأزهار يانعة غرستها أخت لها في الله حتى آتت أكلها واستقام عودها.. إنها نماذج دعوية لعمل الحفيدات الصالحات ممن يركضن للآخرة ركضًا ويسعين لها سعيًا، فأردت بجمعها أن تكون دافعًا إلى العمل ومحركة للهمم واختصرتها في نقاط سريعة لتنوعها وكثرتها واكتفيت بالإشارة والتذكير».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/208977
- تذكرة المُؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسيتذكِرةُ المُؤتَسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مُبسَّط، وبيانٌ مُيسَّر لكتاب الحافظ أبي محمد تقيِّ الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجمَّاعيلي الصالحي - رحمه الله -، الذي ألَّفه في بيان المعتقد الحق: معتقد أهل السنة والجماعة».
المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344686
- شرح الآجرومية [ ابن عثيمين ]شرح الآجرومية: هذا شرح تعليمي لمتن ابن آجروم في النحو المعروف بالآجرومية، اعتنى فيه الشارح ببيان مفردات التعاريف، ومحترزاتها، وأمثلتها، مع إضافة بعض الشروط والأمثلة على ما ذكره الماتن، وقد وردت في آخر كل فصل أسئلة مع الإجابة عليها.
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
الناشر : مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/334270
- أدب الموعظةأدب الموعظة: رسالة تضمَّنت تعريف الموعظة وآدابلها ومقاصدها وأدلتها من الكتاب والسنة وأقوال وأفعال السلف الصالح عن ذلك.
المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد
الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/355721
- لماذا يكرهونه ؟! [ الأصول الفكرية لموقف الغرب من نبي الإسلام ]يهدف البحث إلى التعرف على الأسباب الفكرية لهذا الموقف الغربي، وكيف يمكن مقاومة هذا الموقف عملياً للدفاع عن رموز الأمة الإسلامية؟
المؤلف : باسم خفاجي
الناشر : مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/205665